الصيف الدامي
إيرنست هيمنجواي
يدور انتاج هيمنجواي كله علي أربع مواضيع الحرب وصيد البر وصيد البحر ومصارعة الثيران وحول مصارعة الثيران يدور هذا الكتاب
وهينجواي لم يصور في قصصه مشهداً واحدا يجريي في حجرة .
مصارعة الثيران هي في ذاتها مهارة أكثر منها شجاعة ، ليس هناك مصارع واحد يستطيع أن يزعم أنه لا يخاف الثور
وملكة المصارع الاساسية أنه يفهم الثور يدرسه لبضع دقائق ، ويعرف ميزاته وخصائصه ويعرف الطريق إلي قتله في أقصر مدة ممكنة
والثيران لا يتشابه فيها ثوران إلا في النادر ، ومن الثيران الشجاع والجبان ، الذكي والغبي ، البطئ والسريع ، المصمم والمتردد
وثور الصراع الذي يسمي الثور الشجاع " ثورو برافو " جنس من الثيران يختلف تماما عن الثور العادي ، ثور الزراعة الطيب الوديع ..
تركيب جسمه يختلف عن تركيب جسم الثور العادي ، قوته كلها في صدره وعنقه ، في حين أن قوة الثور العادي موزعة علي أعضاء جسده كلها
علامته الكبري أن له عضلة ضخمة تبدأ من منتصف الظهر وتنتهي عند الرأس ، عضلة تجعل قفاه يبدو ضخما قوياً رهيباً
وعندما يهتاج الثور تنتفخ العضلة وتصبح قادرة علي أن تحمل الأسد كأنه ريشة ، وهذه العضلة هي التي قرني الثور أخطر من أي سلاح ، لو ضرب الثور إنساناً في الصميم لنفذ القرنان من ظهره ..
لهذا يجتهدون في المرحلتين الاوليين من مراحل المصارعة في إضعاف هذه العضلة بطعنها عدة مرات بحربة غليظة ، ثم غرس ست من الحراب فيها
ورغم هذا كله يظل المصارع خائفاً من الثور..
ومهارة المصارع تتلخص في التغلب علي الخوف والتظاهر بالثبات..
والقليلون جداً هو الذين يتغلبون علي الخوف نهائياً ، ويلعبون بالثور كأنه قط أليف
وهؤلاء القليلون يبلغون من الشهرة والغني مالا يحلم به بطل من ابطال الرياضة أو أي نجم من نجوم السينما يبلغ أجر الواحد 6000 جنيه ( هذا في الستينات من القرن الماضي) في مقابل نصف ساعة يقتل خلالها ثورين ، لأن العادة جرت بأن يشترك في الحفلة ثلاثة مصارعين لكل منهم ثوران والحفلة تدوم ساعتين تتخللهما استراحة قصيرة
في العام الواحد يستطيع مصارع الصف الاول أن يشترك في عشرين حفلة
والذين يصلون لهذا المستوي قليلون جدا واحد أو اثنان من كل جيل .. وبعدهم ؟
الصف العاشر مباشرة وأجره يقل طبعا عن ذلك
وليست الناحية المادية هي الميزة الوحيدة للصف الاول
بل هناك ميزة أخري تتوقف عليها الحياة وذلك أن كبار المصارعين لهم الحق في أن يختاروا الثيران الاقل خطورة .. بحكم صلاتهم مع منتجي الثيران ، وبحكم سلطانهم في الميدان ، يستطيعون أن يرفضوا الثيران الخطرة ، بل استطاع بعضهم أن يتفق مع منتج الثيران " علي تفصيل " حيوانات علي هواهم ..
أما الثيران الشرسة ، العسيرة علي التذليل التي لايدري المصارع متي ستهجم ومتي ستظل مكانها ، فهي من نصيف الصف الثاني
والثيران الاسوأ من نصيب من يليهم ، وهكذا حتي تجد أن المصارع المسكين الذي لا يتقاضي أكثر من 100 أو 150 جنيه عن المصارعة هو الذي يواجه أسوأ الثيران وأخطرها
خطيئة همنجواي
لقد جرح هيمنجواي شعور الاسبان لأنه وصف الكثيرين من أبطال المصارعة عندهم بأنهم كانوا بهلوانات ويضرب مثلا لذلك مانوليتي..
ومانوليتي معبود المصارعة في أسبانيا ، ويقولون إن الحلبة لم تر أعظم ولا أروع منه
وهوأصله من قرطبة ، وشق طريقه إلي القمة في ثلاث سنوات ، إنه هو الذي ابتكر أسلوب الثبات الكامل في الحلبة ، ثبات المصارع أمام الثور كأنه شجرة وإرغام الثور علي اللف والدوران
وفي عصر انحطاط مصارعة الثيران ، كان منتجوا الثيران يقلمون أطراف قرونها ، ثم يسنون طرف الباقي ويدهنونه بشحم السيارات حتي تختفي آثار التقليم ، والثور إذا قُلم قرنه فقد معظم قوته ، لأن الطرف الجديد المسنون يصبح كالظفر الذي بولغ في قصه يؤلم صاحبه إذا مسه شئ
وشئ آخر لقد تعود الثور أن يستعمل قرنيه بطول معين ، وهو يقدر المسافة اللازمة للضرب بإحساس غريزي علي هذا الأساس ، فإذا قطعنا من القرنين خمسة سنتيمتر ، اختل توازن المسكين وأصبح كطير قصصنا ريش جناحه
هيمنجواي إنسان يعيش بالقتال ، لا يجد سعادته إلا إذا كان مشتركاً فيه أو قريباً منه ، نفس الشعور تحسه وأنت تقرأ وصفه لمناظر الصيد في " ثلوج كليمانجارو" ، إنه يشم الدم كما تشمه الضبع التي تبحث عن الجثث
ولم يصف كاتب صراع الانسان مع الموت وقوي الهلاك كما فعل هيمنجواي وهذا هو الذي قرر له مكانته بين عظماء القصصيين
..........................
مختصر من كلام دكتور حسين مؤنس كتب وكتاب
ومنقول من مدونة أروع ما قرأت
إيرنست هيمنجواي
يدور انتاج هيمنجواي كله علي أربع مواضيع الحرب وصيد البر وصيد البحر ومصارعة الثيران وحول مصارعة الثيران يدور هذا الكتاب
وهينجواي لم يصور في قصصه مشهداً واحدا يجريي في حجرة .
مصارعة الثيران هي في ذاتها مهارة أكثر منها شجاعة ، ليس هناك مصارع واحد يستطيع أن يزعم أنه لا يخاف الثور
وملكة المصارع الاساسية أنه يفهم الثور يدرسه لبضع دقائق ، ويعرف ميزاته وخصائصه ويعرف الطريق إلي قتله في أقصر مدة ممكنة
والثيران لا يتشابه فيها ثوران إلا في النادر ، ومن الثيران الشجاع والجبان ، الذكي والغبي ، البطئ والسريع ، المصمم والمتردد
وثور الصراع الذي يسمي الثور الشجاع " ثورو برافو " جنس من الثيران يختلف تماما عن الثور العادي ، ثور الزراعة الطيب الوديع ..
تركيب جسمه يختلف عن تركيب جسم الثور العادي ، قوته كلها في صدره وعنقه ، في حين أن قوة الثور العادي موزعة علي أعضاء جسده كلها
علامته الكبري أن له عضلة ضخمة تبدأ من منتصف الظهر وتنتهي عند الرأس ، عضلة تجعل قفاه يبدو ضخما قوياً رهيباً
وعندما يهتاج الثور تنتفخ العضلة وتصبح قادرة علي أن تحمل الأسد كأنه ريشة ، وهذه العضلة هي التي قرني الثور أخطر من أي سلاح ، لو ضرب الثور إنساناً في الصميم لنفذ القرنان من ظهره ..
لهذا يجتهدون في المرحلتين الاوليين من مراحل المصارعة في إضعاف هذه العضلة بطعنها عدة مرات بحربة غليظة ، ثم غرس ست من الحراب فيها
ورغم هذا كله يظل المصارع خائفاً من الثور..
ومهارة المصارع تتلخص في التغلب علي الخوف والتظاهر بالثبات..
والقليلون جداً هو الذين يتغلبون علي الخوف نهائياً ، ويلعبون بالثور كأنه قط أليف
وهؤلاء القليلون يبلغون من الشهرة والغني مالا يحلم به بطل من ابطال الرياضة أو أي نجم من نجوم السينما يبلغ أجر الواحد 6000 جنيه ( هذا في الستينات من القرن الماضي) في مقابل نصف ساعة يقتل خلالها ثورين ، لأن العادة جرت بأن يشترك في الحفلة ثلاثة مصارعين لكل منهم ثوران والحفلة تدوم ساعتين تتخللهما استراحة قصيرة
في العام الواحد يستطيع مصارع الصف الاول أن يشترك في عشرين حفلة
والذين يصلون لهذا المستوي قليلون جدا واحد أو اثنان من كل جيل .. وبعدهم ؟
الصف العاشر مباشرة وأجره يقل طبعا عن ذلك
وليست الناحية المادية هي الميزة الوحيدة للصف الاول
بل هناك ميزة أخري تتوقف عليها الحياة وذلك أن كبار المصارعين لهم الحق في أن يختاروا الثيران الاقل خطورة .. بحكم صلاتهم مع منتجي الثيران ، وبحكم سلطانهم في الميدان ، يستطيعون أن يرفضوا الثيران الخطرة ، بل استطاع بعضهم أن يتفق مع منتج الثيران " علي تفصيل " حيوانات علي هواهم ..
أما الثيران الشرسة ، العسيرة علي التذليل التي لايدري المصارع متي ستهجم ومتي ستظل مكانها ، فهي من نصيف الصف الثاني
والثيران الاسوأ من نصيب من يليهم ، وهكذا حتي تجد أن المصارع المسكين الذي لا يتقاضي أكثر من 100 أو 150 جنيه عن المصارعة هو الذي يواجه أسوأ الثيران وأخطرها
خطيئة همنجواي
لقد جرح هيمنجواي شعور الاسبان لأنه وصف الكثيرين من أبطال المصارعة عندهم بأنهم كانوا بهلوانات ويضرب مثلا لذلك مانوليتي..
ومانوليتي معبود المصارعة في أسبانيا ، ويقولون إن الحلبة لم تر أعظم ولا أروع منه
وهوأصله من قرطبة ، وشق طريقه إلي القمة في ثلاث سنوات ، إنه هو الذي ابتكر أسلوب الثبات الكامل في الحلبة ، ثبات المصارع أمام الثور كأنه شجرة وإرغام الثور علي اللف والدوران
وفي عصر انحطاط مصارعة الثيران ، كان منتجوا الثيران يقلمون أطراف قرونها ، ثم يسنون طرف الباقي ويدهنونه بشحم السيارات حتي تختفي آثار التقليم ، والثور إذا قُلم قرنه فقد معظم قوته ، لأن الطرف الجديد المسنون يصبح كالظفر الذي بولغ في قصه يؤلم صاحبه إذا مسه شئ
وشئ آخر لقد تعود الثور أن يستعمل قرنيه بطول معين ، وهو يقدر المسافة اللازمة للضرب بإحساس غريزي علي هذا الأساس ، فإذا قطعنا من القرنين خمسة سنتيمتر ، اختل توازن المسكين وأصبح كطير قصصنا ريش جناحه
هيمنجواي إنسان يعيش بالقتال ، لا يجد سعادته إلا إذا كان مشتركاً فيه أو قريباً منه ، نفس الشعور تحسه وأنت تقرأ وصفه لمناظر الصيد في " ثلوج كليمانجارو" ، إنه يشم الدم كما تشمه الضبع التي تبحث عن الجثث
ولم يصف كاتب صراع الانسان مع الموت وقوي الهلاك كما فعل هيمنجواي وهذا هو الذي قرر له مكانته بين عظماء القصصيين
..........................
مختصر من كلام دكتور حسين مؤنس كتب وكتاب
ومنقول من مدونة أروع ما قرأت
0 التعليقات:
إرسال تعليق