الأربعاء، 28 مايو 2014

العنف والسخرية 2

العنف والسخرية 2


ومن الجمل التي وقفت عندها :

لقد أصبحت الشحاذة عملا سريا.

نوع مجهول من الثوار ، ثوار ماكرين أصحاب مزاج عال. ويعتبرون –المحافظ – أشبه بدمية هو وامثاله في انحاء العالم  من اجل الا تكون أفعاله  وحركاته سوي تشنجات عصبية وزفرات  تبدو كغباءات كبيرة.

اعتزل كريم واقام في بيته بكل كرامة بعيدا عن رعاع البشر الذين تمسكو بقيود السلطة . عليه ان يتصرف كغبي ، وان يبدو أكثر غباء منهم، انها الطريقة الوحيدة لانتباذهم  فالسلوك الذكي الوحيد امام كلب مسعور هو الهرب .

التاجر ماهر لكافة أشكال المؤامرات ذات المغزي السياسي . كما كان يكره السياسيين ويعتبرهم أكثر سفالة من الكلاب . ليست الكلاب الحية ولكن الكلاب الميتة العفنة.

العالم الذي نعيش فيه تحكمه عصبة نبيلة من الأنذال التي لطخت الارض.
لايجب ان ناخذ الامر علي محمل الجد، لأن هذا هو ما يرغبون فيه .
سوف يصبح مثيرا للسخرية لدرجة أن الحكومة سوف تضطر أن تخلعه.

هل أنت متزوج ؟
حسن بصفتي تاجرا محترما يجب ان اشرح لك أنها ليست نفس الطراز دائما . لست من الاثرياء الاغبياء الذين يغيرون سياراتهم كل عام ويحتفظون بنفس المرأة . انا أغير المرأة كل عام ، وليست لدي سيارة .

لا يحسون بطعم الحرص علي المعرفة

اما ما يعجب عرفي عندي الاطفال فهو هذا الفقدان الشامل للطموح، فهم يعيشون سعداء في حياتهم اليومية ، ولا يطمحون سوي في أن يظلوا أحياء  ولكن كم يدوم هذا؟ سرعان ما تمر الطفولة ويتسرب الشباب الرائع هذه الحقيقة الاكيدة تملأ عرفي بالمرارة.

فالنساء مهما كن في السابعة أو السبعين ، حساسات لنفس التملق.

رد  كريم : حسنا . لقد رأيت الشعب الذي أرغب في رؤيته . بمعني أنه معجون بالحقد ويحلم بالانتقام .
أردت أن أساعده في انتقامه  كنت اعتقد أنه مستسلم للقهر . لكنني وضعت في حسباني  انه أكثر حرية مني ، لا يمكن ان تتخيل النكات التي ألفتها عن هذا الموضوع . عندما أردت أن أشرح لهم انني في السجن لأسباب سياسية . كانت كارثة اعتبروني روحا ضئيلة أن الذي كنت أفكر أن اعلمهم موقفي الثوري . عاملوني كعميل مدسوس من الحكومة  علمتهم الاحترام الشخصي ظلت الحكومة بالنسبة لهم مصدرا للمزاح . وبكل ذكائي تعاملت مع الحكومة بجدية  ووجدت ان هذا عيب مع مظهره  كشهيد بالطبقة العاملة كنت الوحيد الذي يعامل الحكومة بجدية .
العالم محكوم باغبيائه ومجرميه  الذين يجب عدم الاعتماد عليهم .

النساء يصبن بالحب لدرجة الهذيان وعند الكراهية يمتزج العنف بالغباء.

علي الشرطة ان تتدخل وتوقف بعض الاشخاص الذين يضحكون من الاخرين بتهمة ممارسة الدهشة.
ارتدي زي مواطن لا افكار له أو طموحات مخلوق خاضع لقدره ويخشي كل السلطات.

هل يشك الضابط انه يستخدم الطائرات الورقية لتصوير الاهداف العسكرية ؟ ولم لا ؟ فكل شئ جائز في خيالات الشرطة.

إنه لا يخاطبهن بكلمات ذكية خشية النفور فالغباء علامة أكيدة أن الحياة تدور.

الاكتتاب الشعبي لإقامة تمثال للمحافظ .

ولكن الشعب أمامه أشياء أخري عليه أن يتعلمها  وجسامة مهمته تجعله مريضا بالأمل .
كان يعرف خطر الغرور علي المرأة . إنها تصاب بالملل عندما يكف الإعجاب من حولها.
مجرد مخلوق آدمي بلا مرارة ولا طموحات .


فقد بُوغت برعب هذا العنف المجاني. فالمحافظ الذي كاد يختفي تماما من الحياة ، قد أصبح شهيدا علي يد طاهر وأصبح الجلاد ضحية ونموذجا حيا للوطنية والفداء لأجيال المستقبل وسط المخادعين الخالدين.

العنف والسخرية

العنف والسخرية


العنف والسخرة ثنائية عجيبة كشف عنها  ألبيرقصيري في روايته العنف والسخرية التي كتبها عام 1964 فيها يطرح السخرية منهج للتغيير كما أن العنف منهج  وهل ممكن أن تات السخرية بنتيجة فعالة في التغيير السياسي السؤال الصحيح هل اتي العنف بنتيجة ؟
القصة رائعة  خاصة  لو وضعنها في إطارها الزمني وليس الآن
تدور احداث قصتنا في الاسكندرية حيث يقوم الثوار بالسخرية من المحافظ
في شارع رئيسي ممنوع وقوف المتسولين فيه يفاجئ رجل الامن بشخص يجلس علي الرصيف متسولا  فيزمجر ويرغي ويزبد وينقض عليه معنفا ليفاجئ برأسه تخرج في يديه وتتناثر الدماء علي وجهه فيفزع ولكن  سرعان ما يدرك أنه وقع في فخ وان المتسول مجرد دمية الغرض منها السخرية من رجال الامن ومن المحافظ ومن النظام السياسي  وهكذا تبدا قصتنا
كريم ثائر من الثوار القدامي  ولكنه انتهج نهجا جديدا في الثورة  وهو يقطن في غرفة علي سطح منزل يطل علي شارع رئيسي  وهو يصنع الطائرات الورقية ومن بيعها ينفق علي معشيته
هيكل هذا هو الرجل الارستقراطي وهو العقل المدبر للمجموعة
خالد عمر الممول الرئيسي وهو مسجون سابق وفي السجن تعلم البيزنس وخرج ليصنع ثروة وهو رجل بسيط  وتعجبه أفكار المجموعة وتعجبه أيضا شخصية هيكل
سعاد هي مصدر معلومات هيكل عن المحافظ وهي بنت صديق مقرب جدا من المحافظ  فتاة في حوالي السابعة عشر معجبة بهيكل وتريد أن تشعر انها كبرت وأصبحت آنسة تحضر معظم اجتماعات أبوها مع المحافظ  فتنقل لهيكل كل شئ
عرفي وهو من يكتب الشعارات واليفط والبنارات التي يعلقونها مدحا مبالغا فيه للمحافظ وهو صاحب مدرسة تقع اسفل منزلة يعلم الاولاد فيها ولكن ماذا يعلمهم ؟

هناك أيضا طاهر الذي يظهر في وسط القصة يريد ان يجعل كريم أن يعود للثوار ويترك السخرية ويخطط لقتل المحافظ عن طريق قنبلة

تبدأ قصتنا بالسخرية من رجال الامن والشحاتين ثم يذهب كريم الي سطح منزله ليفاجئ برجل من رجال الشرطة يصعد اليه في مسكنه علس سطح العماررة ليستعلم عنه لماذا؟ لانه يقطن علي شارع رئيسي يمر منه موكب المحافظ  كما ان له تاريخ ثوري لذا يجب اخلاءه للسكن والبحث عن مكان آخر
كريم سخرمن رجل الشرطة باقناعه انه تغير تماما وانه رجل مسالم يصنع الطائرات الورقية ويتكسب منها ويهدي لرجل الامن طائرة لاولاده
هل ممكن أن تكون الطائرات الورقية وسيلة لاعمال العنف هكذا يتسائل  رجل الامن فيضحك كريم وكيف ذلك
نجح كريم في اقناع رجل الامن بتوبته من العنف وانه مواطن عادي لا يثور علي النظام بل يشعر بتغير الوضع وهو راض عن النظام فيسأله رجل الامن ولكن كيف تشعر بأن النظام قد تغير فيرد كريم الان لو مشيت في الشارع بحس ان درجة الحرارة أصبحت أقل
تبدأ المجموعة في عمل بوسترات مضخمة في شكل المحافظ وملامحه  ومغدقة عليه في المديح المستفز يحتفظ هيكل بنسخة من الاعلان معه ثم يذهب للنادي الخاص بالنخبة  ويذهب الي الحمامات  ويقف امام مبولة ويلصق صورة المحافظ
ثم يخرج بسرعة ليدخل خلفه أحد رجال الاعمال الذين يكرهون المحافظ بسبب علاقة نسوية فلقد سرق المحافظ منه عشيقته المغنية المشهورة
رجل الاعمال يبدو سكران فيدخل ويفتح سحاب بنطلونه ليتبول فينظر فجأة ليجد المحافظ أمامه بعينين جاحظتين فيفزع ثم يستغرق في الضحك وينتهي الامر به مغميا عليه بل للاسف لقد مات
يكون للقصة وقع وصدي ثم تغرقا لمدينة بتلك الملصقات
ثم ينتقل هيكل لفكرة جديدة يريد فتح باب التبرعات لعمل تمثال للمحافظ فيغري سعاد بتقليد توقيع ابيها ولكنها تقترح فكرة احسن فتعطيه شيك علي بياض موقع من ابيها فيستغله هيكل افضل استغلال وتبدا حملة التبرعات لصنع تمثال للمحافظ
ولا يدري احد من وراء  تلك الحملة يغتاظ المحافظ ويشك في صديقه انه هو من وراء تلك الافعال خاصة الشيك وتبدأ بينهما المنازعات
وفي تلك الحالة يسوء وضع المحافظ سياسيا جدا
تحصل مشادة بين المحافظ وصديقه وسعاد كانت قريبة لتسمع المفاجئة سيتم اقالة المحافظ في غضون اسبوع
 مباشرة تبلغ هيكل  ويعرف ايضا كريم بهذا الخبر
يتقرب طاهر من كريم كي يساعده في خطته من قتل المحافظ عن طريق قنبلة يلقوها من اعلي السطح يرفض كريم رفضا باتا بل ويقول لطاهر الامحافظ سيستقيل في غضون اسبوع لا يصدق طاهر تلك المسألة  ويفترقا
وتمر الايام ليفاجئ الجميع بقنبلة تلقي علي المحافظ – منتهي الصلاحية – وتتصدر صور طاهر الاخبار.

العنف والسخرية موضوع جميل طرحه كاتب مصري فرنسي هو ألبيرقصيري وحاز بها علي جائزة الاكاديمية الفرنسية عام 1991  

الثلاثاء، 6 مايو 2014

السفير 11

السفير 11
ان البشر آخر المطاف ، انما تقتلهم الكلمات . ولعل هذا هو ما كان يقصده ذلك الروائي حين قال لي انه يعرف معاني الكلمات وانه لذلك يحترمها

فاقترحت ان يلجأ  - كونغ- الي منزل ( الصيني رقم 1) لأن هذا الرجل كان فوق الخطر مهما اختلفت الانظمة، فكل حي " شولون" سيثور لو أن زعيمه تعرض لأي سوء.

 وافق كونغ ولقد كان سر موافقته انه لايريد أن يموت سرا يسحقه عمود يسقط أو تقتله شظية من قنبلة . بل يريد أن يقبض اعداؤه علنا عليه ، أن يضطرهم الي خيار واضح: فإما ان يقتلوه وغما ان يحاكموه علناً، ولو قتلوه آخر الامر المهم ان يجبرهم علي ذلك وان يعرف الناس ما فعلوه، حينئذ يصبح سفير الولايات المتحدة في خزي من الصفقة التي عقدها مع ( الجنرال قائد الانقلاب) وزملائه . هذا ما يفكر فيه .

حين يقوم رجل ساذج بعمل طيب توحي به سذاجته فلا يصح أبداً أن يستهان به.

الخير لا يصل أبدا إلي الحد الذي ينبغي له ، والشر يذهب دائماً إلي أبعد من الحد الذي ينبغي أن يقف عنده، ولذلك يخطئ كلاهما هدفه .

التربية الكاثوليكية تولد جفافا في النظرة اللاهوتية وتزمتا في الموقف الأخلاقي يجعلانها شرا في ذاتها ، لانها بهما تفتقر الي التسامح وإلي الفهم والي المحبة.

ولكن الحقيقة الوحيدة هي انني حاولت ان اصب شعبا آسيويا بكامله في قالب واحد، لم استطع ان افعل ذلك . استطاعه ماوتسي تونغ، واستطاعه هوشي مينه، لان لديهما انجيلا بالغ البساطة، يمكن ان يفهمه أي انسان، ولأنهما امتلكا من قسوة القلب ما ساعدهما علي حشو هذا الانجيل  بالقوة في حلق كل انسان، فإما ان يختنق به واما ان يهضمه .

الديبلوماسية شأنها شان فنون المسرح الأخري ، تقوم علي التنازل عن الشك وعن تقبل وهم الواقع .
لقد مات كونغ وأصبح الجنرالات في السلطة ومع ذلك لاشئ حسم ولا شئ أصبح مضمونا وهاهو ذا طامح جديد الي اغتصاب السلطة قد بدأ يعد عدته في السر وفي ذات يوم قريب أم بعيد سيبدأ السباق نفسه مرة أخري. وانا المقامر الخبير سيكون علي مرة اخري أن اشترك في نفس اللعبة: ادعم هذا وأراهن علي  ذاك، ثم أقتل الخاسر ... السفير
لم اكن استطيع الاسراع بمغادرة البلاد دون ان يكون في ذلك حكم ضمني علي سياستنا وعلي أسلوبي في تنفيذها .. السفير
ولكن ارتحالي هذا لن يكسبني لا شرفا ولا رضي عن الذات ما دمت لا اعتزل عن مبدأ بل عن عجز، عجز لا يخفف أبدا من حقيقته أني كنت وحدي أعرف أمره....السفير
كان اذن مريرا علي نفسي ان أراني، وانا بعد في منتصف العمر، مفلساً من الطموح ومن الشرف، ومن الاحترام لذاتي.... السفير

القلب ينظر عبر النافذة فيري مالايفهمه، ويشتهي مالا يستطيع امتلاكه. وهو لذلك مضطرب وجل .. اما الشجرة فتنظر ولكنها لا تري وتنتصب ولكنها لا تتحرك ، وتنمو ولكنها لا تشتهي. فإذا استراح الرجل تحت شجرة واستند الي جذعها واستظل باوراقها ، شارك في حياة الشجرة دون ان يبدد حياته. والمنزل يؤوي المراة ، والمراة تحتوي الرجل ، ومن هدوئهما تولد الحياة .. وانت ياصديقي ، عليك ان تغلق النافذة التي تطل علي الخارج وأن تبدأ بالنظر الي الداخل بحثا عن ذاتك الحقيقية لذلك ستجلس في حديقتي وتصبح شجرة ..

والطمأنينة؟

اللطمأنينة تاتي مع الاشراق ، الذي يجده من لا يطلبه


الرجل الامريكي نحن لسنا فييتنامين ولا يابانيين ولا ماليزيين ، فكيف نستطيع إذن ان نقول لهم كيف يجب ان يسلكوا وبأي شئ يجب أن يؤمنوا ليعيشوا عيشة راضية ؟

السفير 10

السفير 10
حوار سكرتيرة السفير  
كل ما في الأمر أني خجلي. خجلي من الطريقة الفجة القاسية التي نتصرف بها بحيوات الناس ومصائرهم، كانهم ... كأنهم قطيع غنم ينقل من مرعي إلي آخر . اعرف ان السياسة والديبلوماسية والضرورات العسكرية وكل هذا الكلام..
ولكن ، في كل هذا أين من يفكر بالناس او ينطق بلسانهم؟
....................... لقد امليت علي رسالتك الي واشنطن وحتي الىن لم أسمع كلمة واحدة حول ما يحتاج اليه الناس البسطاء ، وما يفزعون منه، وما يتوقون  إليه: بعض الهدوء، وبعض الامل في ان يكبر اولادهم دون ان يسمعوا طلقة مدفع ودون أن يروا رجلا مسلحا في كل ناصية شارع .
الديبلوماسية أقرب الأشياء إلي الحركة الدائمة. فعلي رغم الموت والكوارث والفساد والخيانة، تظل الدواليب  دائمة الدوران، وتظل المسننات تتداخل والنوابض ترتخي وتتقلص، ويظل وهم الهدف والوسيلة قائماً ليستريح إليه الجاهلون.
....
لم يكن هناك من يقبل ان يعطيني اذنا مكتوبا بدعم انقلاب قد يخفق او قد يتحول بين ليلة وضحاها إلي ثورة دامية  فكان " رجل المخابرات" مكلفا ان يعطيني اذنا شفهيا ، أذنا يستطاع عند اللزوم نكرانه أو اعادة تاويله، ويظل مكتوما خفيا عن عيون المؤرخين .
احتمال يجب أن نستعد له . فاذا خرج – الرئيس المنقلب عليه - من المعركة وهو علي السرج من جديد فلابد لنا من التفاهم معه .
التعليمات للسفير قبيل الانقلاب
واشنطن تجيبك موافقون جواب رسمي صادر مباشرة من الرئيس. ولكن لا شئ مكتوب ، ولا تعليمات رسمية ، بل ستعمل بموجب الصلاحيات المطلقة المعطاة لك. فاذا نجح الجنرالات فقد نجحوا دون ان تكون لنا علاقة ، وإذا خسروا سجناك وأرسلنا آخر مكانك يبدأ تعاونا جديدا مع نظام كونغ أعرف انها شروط  قاشية ، ولكن .. هذا هو الموجود . هل لديك اعتراض ؟

...
سؤال داخل السفارة
كم سنقضي من الوقت قبل أن تعترف واشنطن بالحكومة الجديدة، إذا قامت حكومة جديدة ؟
-         بمجرد ان تكون لهذه الحكومة السلطة الفعلية الكاملة .  ولكن في وسعك بالطبع ان تتعامل معهم قبل ذلك ، وإذا احتاجوا إلي المال للنفقات العاجلة فسنرفع التجميد عما يكفيهم لتسيير الاعمال .
سؤال آخر: ما هو رأي واشنطن بشأن سلامة كونغ؟
إذا طلب اللجوء منحناه اياه وإلا .. ( واحاط بكل الاحتمالات الممكنة بحركة دائرية من يده) وإلا ، فنحن في حرب .. علي أن هذا أيضا يا ماكس – السفير – غير رسمي
هذا واضح
. فامثال (....) فيالعالم ينطلقون من نصف حقيقة ، هي ان الإثم عالمي وهو بالتالي مقدور لا يُجتنب، ولكنهم ينتهون الي كذبة كاملة، هي ان الإثم وهم وانه ينزع سلاحنا في صراع الغابة من أجل البقاء . والانانيون يضعون انفسهم فوق مستوي الإثم ويجعلون من بقية العالم كبش فداء يحمل عنهم خطاياهم.

إذ أن المرء لا يمكن ان يخطئ إلا إذا كان حراً
279 خطة الانقلاب

السفير 9

السفير 9
إن عصرنا المرذول يبخس الوطنيين قدرهم .

السفير يتحدث عن نفسه وعن الامريكين : نحن لا نحرق المراكب ولا نقطع الجسور ، بل نبيعها ونجعل منها تجارة. ولسنا شهداء، نحن لان الاستشهاد في نظرنا حماقة لا تجدي ، وان كانت مصدر ربح لباعة الأذخار والأساطير.
ونحن لا نرفع عقيرتنا بالحقائق ، بل ننصرف عنها إلي ترهات العرافين والمنجمين.. وإذا كان هناك ما نأسف له ، فهو اننا لا نملك إلا عمرا واحدا نقدمه لوطننا ، فكيف يراد منا ان نقامر بهذا العمر من اجل بطولات لا تجدي؟

حوار بين السفير ورجل المخابرات الامريكية في فيتنام الجنوبية  

هذه مهنة شاقة، سريعا ما تميز الرجال من الاطفال.
وما الذي جعلك تختارها ، يا هاري ؟
فألقي إلي نظرة فاحصة سريعة ثم هز كتفيه وعاد إلي لهجته الساخرة المرحة : أظن اني رجل مؤامرات بالولادة ، أحب صنعتي  ، ولا اكن كثيرا من الاحترام للطبيعة البشرية، حتي ولا لنفسي .. الانسان، في اجسن الظروف ، حيوان نصف متمدن، يحتاج إلي رجال شرطة لإجباره علي ان يمشي بأدب في الشارع ، وإلي أناس مثلي ليراقبوا الاوراق التي يخبئها في كمه حين يلعب لعبة " البوكر" الدولية .. وانا كلب حراسة أصيل لاني بلا أوهام بالمرة ، في أي شان كان
فإذا كان صديقك الأعز لا يضع عينيه علي فضيات المنزل، فمن المحتمل أن يكون اهتمامه منصرفا إلي زوجتك . الناس شرفاء بقدر ما تسمح بذلك ميزانياتهم .. وهم حين يتصل الامر بالجنس او بالجوع الي السلطة او الي الرفاهية ، ليسوا شرفاء بالمرة . وانا نفسي مخلوق غريب ، ولذلك لا استغرب شيئا ولا أُصدم لشئ ، بل انا دائما مستعد للمراهنة علي عدة خيول ... ربما كان هذا لا يجعل مني الرجل الذي تتمناه زوجا لابنتك، لكنه يفسر نجاحي كموظف مخابرات .

السفير 8

السفير 8
المؤلف الروائي خبير في الإصغاء ، يثير الموضوعات ثم يترك للآخرين ملاحقتها في كل اتجاه.
الموقف الامريكي هو الذي يؤدي إلي هذا النوع من التعصب.. فالامريكيون يحطمون نفسية شعبنا، إنهم لا يفهموننا،  أما نحن فنفهم شعبنا: كيف يفكر وما هي ردود فعله. فالامريكيون يتكلمون عن الديمقراطية، ولكن الديقراطية التي يتكلومن عنها لا تصلح لهذه البلاد ( هكذا كان يتحدث الديكتاتور)
كل تنازل يفتح الباب لتهديد جديد ، ثم لآخر بعده. والمعركة الفاصلة خير من الانهزام البطئ.
هذا ما تظنونه (مخاطبا الامريكان) أما الواقع أنكم تقدمون لنا السلاح ثم تقتلون فينا إرادة النضال .
....اما في الاعماق ، أنتم كالفرنسيين.. تريدون ان يظل لكم قدم في غرفة الاستقبال لتثبتوا أنكم أصدقاء ..أليس هذا استعمارا علي الطريقة القديمة ؟

.. اجتماع في قاعة المؤتمرات المكتومة الصوت في السفارة.
يا سيادة السفير –احد المعترضين علي الانقلاب داخل السفارة الامريكية –
فقرة أولي - أعتقد أن السفير يقع في غلطة كبيرة حين يلخص الموقف علي شكل خيار صريح بين نظام " كونغ" وبين انقلاب نعجل تحقيقه بإشارة او كلمة سر. إن مثل هذا الخيار ليس من شأننا ، ولا من شأن واشنطن ، لأننا لا نملك أي حق أخلاقي أو قانوني للقيام به .
... هكذا ، بخمسين كلمة ، فرض "آدامس" علي القاعة صمت الاموات ، وتوتراً شبه جسدي ، بينما الانظار كلها تحدق إليه .. وبنفص الاسلوب الصارم القاسي تابع يقول :
فقرة ثانية – إن موقفنا واضح ، فلقد دعينا لنقدم مساعدتنا العسكرية والمدنية ، ولنقدم المشورة وندرب الجيش. وقد قمنا بذلك ، قمنا به دون ان نطلب ، ودون أن نعطي، أي حق للتدخل في السياسة الداخلية لدولة مستقلة . فإذا قمنا بهذا التدخل، عن طريق اعطاء فريق من العسكريين المتمردين ضمانات علنية أو ضمنية ، فقد أصبحنا متىمرين.  وحتي لو بدا تغيير النظام في مصلحتنا ، فانه لن يكون كذلك آخر الأمر ، لأننا بتدخلنا نسقط الأسس القانونية لوضعنا ونطعن في سلامة لهدافنا القومية .
فقرة ثالثة – صحيح اننا نجتاز ازمة، وان هذه الأزمة ملأي بالمجازفة والخطر. ولكن إذا نحن سمحنا لأنفسنا بأن نكون شركاء صامتين في قلب الحكومة، فإننا نواجه خطرا أكبر بكثير . فلو حدث ان " كونغ" نفسه او أيا من ورائه قُتل في عملية الانقلاب ، لأصبحنا بذلك شركاء ومتدخلين في جريمة قتل سياسية. والتاريخ لن يتيح لنا ان ننسي ذلك .
فقرة رابعة – لو أن انقلابا وقع دون تدخل منا ، واستطاع قادته تأليف حكومة مستقرة ، فسيكون في وسعنا  إذ ذاك أن نعترف بهذه الحكومة كمؤسسة واقعية، دون ان يكون في ذلك مهانة لشرفنا ولشرف البلد الذي نمثله.
فقرة أخيرة – لقد قضيت في الخدمة سنين طويلة، ولكني مع ذلك عازم علي طلب نقلي إلي منصب آخر إذا اقترح سفيرنا التدخل، فإذا وافقت واشنطن علي هذا الاقتراح فسيكون علي أن اعتزل الخدمة، لأني لا أستطيع ان آخذ علي عاتقي تطبيق سياسة اعتقد انها أخلاقيا خاطئة، وتاريخيا غير رشيدة، وفي كل الاحوال منافيه لقواعد الشرف .

السفير 7

السفير 7
 وفي "كاي نووك" شهدت الاثار الرهيبة لغارة قام بها " الفيتكونغ" : اكواما من الجثث المحروقة، رجالا واطفالا ونساء، وخمسة وعشرين جنديا منهوكي القوي هم كل من نجا من حامية كانت تضم مائة ، وكان ذلك درساً وحشياً عن طبيعة هذه الحرب ولعنة تنصب علي مناورات السياسة وتفاهاتها ، بحيث لايري المرء سبيلا للدهشة إذا رأي الفلاحين والقرويين مستعدين لتقبل أي حل للوضع ، وليذهب الجنرالات والحكام  والمثقفون إلي الجحيم!..

192
 الناس ينسون اننا نواجه في الشمال واحدا من أعظم عسكري العصور الحديثة ..........

إن العدو سينتقل تدريجياً من الهجوم إلي الدفاع وسيجد نفسه في مأزق لا مخرج منه: فهو لكي يكسب الحرب لابد له من ان يطيلها ، ولكنه لا يملك الموارد النفسية ولا الموارد السياسية التي تقتضيها حرب طويلة الامد.

وفي الريف ، كذلك ، كان الصراع بين البوذيين والمسيحيين أقل ظهوراً . بل كانت هناك مناطق لا تعرف هذا الصراع أبداً بسبب البساطة والجهل.
 صلاح جهاز السلطة في صلاح من يقودونه، والشعب – آخر الامر- هو الذي ينبغي اقناعه..أنا أيضا لدي جهاز ، هو العائلات المتقاربة والجمعيات السرية والجمعيات الخيرية ، ولكني وانا الشيخ العجوز ما كنت لاستطيع الاستمرار في ممارسة السلطة لولا أني دائما تحت تصرف الشعب.. وهذه كما تري هي نقطة الضعف لدي الرئيس "كونغ" : إن احداً لا يعرفه، وكل إمعة ذي وظيفة يزعم التكلم باسمه فكيف للشعب أن يفرق ؟

العزلة تولد الشك والشك يدفع إلي القسوة.
الحقيقة إذن ، كما أراها ، هي هذه . إن شعبا من سبعمائة مليون انسان لايمكن تجاهله، كما لايمكن وضعه في قفص وحرمانه من ان تكون له علاقات طبيعية مع بقية العالم. وهو بعد شعب قديم عريق، واسع الخبرة ، كثير الكبرياء (عن الصين كان يتكلم )

من آل إليه واجب خلقي ، فليس له أن يتسامح بشأنه ولو أمام سيده.

الاثنين، 28 أبريل 2014

السفير 6

السفير 6



البوذية تستنكر الانتحار، ولكنها كما جاء في " لوتوس سوترا" تدعو جميع البوذيين إلي الاستشهاد إذا أصبح دينهم في خطر .


علي أي أسس سنعيش مع هذه الصين خلال السنين المائة القادمة ؟ وكيف ستعيش معها بقية آسيا؟ وماذا عن البوذيين؟ انهم  كالمسلمين ، كالكاثوليكيين ، كالهنود موجودون وباقون شئنا أم أبينا.. هنا أيضا ، لا مجال للحلول القصيرة الاجل . في وسعك أن تحول دون ثورة، بل أن تجهضها، ولكنك لن توقف المسار التطوري الذي يؤدي إليها .


.. ومشوش الفكر أحيانا بلعبة السياسة المعقدة، التي تنقصها دائما بعض القطع الرئيسية.

السفير 5

السفير 5
الانتهازيين السياسيين الذين يطلبون الفوضي بحثا عن منفعة

إذ أن ممارستي الطويلة للعمل الديبلوماسي قد علمتني أن أفضل الوسائل لحل معضلة ما كثيرا ما تتمثل في خلق أزمة ينبثق منها هي نفسها الحل المناسب .

أنت تعرف الحقيقة ، ولكنك علي غير استعداد لأن تتقبل نتائجها .

ما جدوي السرير إذا كان لايبعد الكوابيس المزعجة؟
ص139
خطاب السفير في تأبين قتلاهم

النظام العسكري الامريكي عنه يتحدث السفير ...  تعيش في اوهام من الخدمة أو القدسية أو البطولة ، ولكنها تخدم الوطن الضيق لا الانسانية، وتعد في السر تراكيب  كيمياوية خطرة ، كما يفعل السحرة انتظارا ليوم تدعي فيه إلي نشر الخراب والموت في العالم الجاهل ..
إن يكن من تغيير ممكن الوقوع ، فيجب أن يقوم به أولئك الذين يملكون من العلم ومن التنظيم ومن الوسائل المادية ، ما يجعلهم قادرين علي القيام به.

ما يمكن عمله ؟ انقلاب .
والانقلاب في إذا صح تعريفي له ، هو احداث تغيير في الحكم بضربة واحدة. تغيير يحدث بلا ثورة ، لأن الثورة لو وقعت عندنا لكانت مأساة دامية.
الانقلاب يعني ممارسة الضغط علي نقطة واحدة، بحيث تفقد الحكومة توازنها وتشول كفتها فتحل محلها أخري.. اما ، من يستطيع ممارسة هذا الضغط؟ انه الجيش وحده، بتنظيمه، وقوته، وقدرته علي التهديد بالسلاح.

هناك ثلاث نقاط – شروط الانقلابيين : ألا تغدروا بنا ، ألا تتدخلوا في شؤوننا، وان يستمر دعمكم لنا بالسلاح والمال متي ما أقمنا حكومة قادرة علي الحياة..
هي هذه : إذا تحقق الانقلاب فلا عنف من أي نوع يؤخذ به الرئيس "كونغ" أو أي من أعضاء حكومته، بل يجب ان يمنحوا الحماية ثم يسمح لهم بمغادرة البلاد.
وما هو تعريفك للحكومة الشرعية يا سيادة السفير؟
 في نظام لا سبيل فيه إلي انتخابات حرة ، علينا أن نعرفها – في بساطة- بأنها الحكومة التي تحكم وتقدر علي الحكم .


السيد "يافا" هو موظف مخابرات تستطيع حكومته في أي وقت ان تتجاهل نشاطه أو تتبرأ منه . تلك هي قاعدة اللعبة  .

السفير 4

السفير 4
ولكن هذه البلاد أمرها عجب:الامن فيها لا يسوي قلامة ظفر . ما يهم هو الأوراق التي بين يديك وكيف تلعب بها ، ما يهم هو كيف تتم المحالفات العائلية ، وكيف تشد خيوط النفوذ المالي.

في السياسة ليس هناك خير وشر هناك فقط المناسب والممكن.

فما كان لإنسان أن يستطيع البقاء إذا لم يفهم ، مهما غمض هذا الفهم ، ما هو وما تلك الوشائج التي تربطه بأمثاله وبالكون.
العالم المادي هو محيط أُعد من أجل نمو الانسان وبقائه واستمراره .
كان الإنجيل الامريكي –وانا نبيه الجديد في فيتنام الجنوبية – يبدو لي بالغ التفاهة والفراغ: الديمقراطية ، حق تقرير المصير ، الحرية، المساواة، الإخاء ... أي معني يمكن أن تحمله هذه الكلمات لرجل يستظل شجرة "البوباب" فيسمع  من خلال حفيف الاوراق، دمدمة روح محنقة؟ وكيف يمكن لمثل هذا الرجل أن يري صورته فينا، نحن البرابرة الزرق العيون، الذين نملك الكثير ولا نفهم إلا القليل ؟

إن الدبلوماسية ، علي أحسن الافتراضات ، هي حرفة ذات وجهين، لأنها تقتضي التمييز الكلي بين العارض وبين المطلق ، بين ماهو خير وما هو نافع، وبين الحقيقة العسيرة الماخذ والفتوي التي تقنع بالباطل. وليس هناك من يستطيع تفادي هذا الازدواج، بل أن كلا منا ينطبع بطابعه، وبعضنا ينهار تحت وزره، وما أكثر ما ينتهي الأمر بالمرء الي تقبل الرأي الذي جاء لتغييره أو الي ارتكاب الجرم الذي كلف بالتنديد به .

"كان لأنباء سايغون الاخيرة رد فعل عالمي بالغ العنف ، ستناقش القضية البوذية في الجمعية العامة للأمم المتحدة  تقدمت الجزائر وسيلان وأندونسيا ومنغوليا ..."


لقد بذلت جهدي لأعرف الوضع المالي الراهن لحكومة كونغ إن لديهم ... والمصارف الفرنسية عي استعداد لأن تضمن لهم مثل هذا المبلغ .. وهذا يعني علي ضوء معدل الانفاق الحالي أن نظام كونغ سيستطيع الصمود  حوالي 6 شهور  حتي في حال تطبيق العقوبات عليه.

الأحد، 27 أبريل 2014

السفير 3

السفير 3
نحن أيضا نزيد من حدة مشكلة الانقسام. نحن ذرائعيون أكثر مما ينبغي. نريد النتيجة العاجلة دون أن يكون لنا الصبر في الأغلب علي استكشاف آثارها التالية .
لقد تعودنا أن نعرف الاشياء تعاريف دقيقة ، ولكن هذا يدفعنا إلي مواقف ثابتة لا نستطيع التراجع عنها .

ربما استطاعوا بواسطة الجيش ان يجعلوها اكثر انضباطا أما أن يقودوها، أن يكونوا مصدر وحي لها ، ان ينشلوها من اليأس ومن السلبية ، فلا أدري
وهنا سر قوة "العم هو" في الشمال : إنه زعيم ثوري ينادي بفلسفة ماركسية كاملة الصياغة  ولكن كونغ هو الاخر فيلسوف ولكن فلسفة (الشخصانية) هذه التي استعارها من الفرنسيين ليس لها أي سحر شعبي.

إننا نبحث عن رجل جديد وعن سياسة جديدة، ولكننا لا نعرف ماذا نريد، فندعم راكب الحصان بدلا من أن ندعم الحصان ، ولأننا علي عجل من أمرنا نختار الراكب الغلط.

.......... علي ان هذا لن يكون سهلا لان كلاب الصيد ستظل تنبح في ظهرك بعمل انقلاب ونصب سلالة جديدة من الحكام


وحين وصلت السفارة أعطوني التقارير الاولي حول الاضطرابات التي أثارها الطلاب. كانت الجامعة في ثورة وقد خرج الطلاب من قاعات الدرس وعقدوا اجتماعات احتجاج وضرب بعضهم أحد اساتذتهم بالحجارة ، وانتزعوا الملصقات الحكومية المتضمنة اعلان الاحكام العرفية وطمسوها . وتعلق بعض الفتيان علي الجدران يسخرون من بالجنود العابرين ويتحدونهم أن يقاتلوا "الفيتكونغ" بدلا من أن يقتلوا أهلهم

السفير 2

السفير 2

نثر الكاتب عبر روايته مجموعة من الجمل التي وقفت امامها ومنها تلك الجمل :
الاشتهار بقسوة القلب أحدي مزايا الديبلوماسي

أصل الشقاء الإنساني هو في حس الاغتراب عن النظام الطبيعي للكون.

الألم والضياع يكشفان عن وهن في الشخصية

إذا صمتنا فنحن واحد ، أما حين نتكلم فنحن اثنان

كل انسان يلبس حذاء يختلف عن أحذية الآخرين ، وعليه أن يسلك الطريق الذي يقوده إليه حذاؤه.
مشكلة السياسة ليست إلا تكثيراً لمشكلة الانسان الفرد.

ان سر الحياة والبقاء والصلاح يحمله الفرد لا الجماعة

إن الحكمة  كالزهرة: تتفتح حينما لا ننظر إليها .

 وكانت مأساة الحرب الأهلية ظاهرة بكل بساطتها وبكل فظاعة نتائجها في تلك القري المغماة بالقش وحياتها العائلية الضيقة . ففي المساء ينسحب القرويون مع ماشيتهم إلي ما وراء سور من الخيزران ، وتسهم كل عائلة بمصباح لإنارة الجدران وبحارس يرقب مجئ (الفيتكونغ) ، الذين يفدون زحفاً عبر مغارس الأرز وأدغال الخيرزان ليقوموا بغزواتهم. ولكن الرجل الذي يحرس الجدار هو في الأغلب شقيق ذلك الذي يدب في المستنقع أو ابن عمه ، ولذلك يحدث أحيانا أن ينطفئ مصباح  وان تمتد يد عبر السور تساعد الغزاة علي الدخول ، وأحيانا أخري يجود الحارس بالأرز أو بالدواء علي المحارب الجريح ،
هكذا كانت هذه الحرب كابوسا يؤرق القيادة العسكرية ، ولكنها لدي ساكني الكفور صيغة من التلاؤوم مع الظروف، إذ ما الذي يبقي لفلاح الدلتا لو انه حطم مجتمعه العائلي الممتد منذ آلاف السنين؟

المسرح الديبلوماسي

نحن نخوض حربا لا نستطيع كسبها ولا نجرؤ علي خسارتها ، علي لسان قائد القوات الامريكية في فيتنام الجنوبية

كل واحد هنا يعطيك روايته الخاصة عن الحقيقة ، أما اذا اردت الحقيقة كاملة فعليك أن تذهب الي اصطيادها في مستنقعات الدلتا وهي الآن بالذات كثيرة الأوحال ..

" قبل أن أغلق عيني علي صورة بوذا ، لي الشرف أن أوجه كلماتي الاخيرة هذه للرئيس كونغ طالبا منه أن يكون رحيما رؤوفا بشعبه ، وأن يصدق في منح رعاياه المساواة  الدينية" تلك كانت وصية الراهب البوذي قبل ان يحرق نفسه أمام السفير الامريكي وتم نشرها علي نطاق واسع بعدما حرق البوذي نفسه .

كونغ  حكومته ديكتاتورية متداعية وأضاع تأييد سكان المدينة ، وهو يفتقد الشخصية التي تضمن له تأييد أهل الريف. وهو بعد قد جنح إلي العزلة واحاط نفسه بطغمة من المتملقين يصطنعون المبررات لأكثر تصرفاته حماقة .

العجلة ليست حلاً للقضايا المستعجلة ، وإن احكم الحديث ما دار علي مهل .

صباح اليوم أحرق راهب بوذي نفسه علي مرأي من السفير وفي المساء قامت قوات كونغ بالاغارة علي المعابد وشاهد ذلك بعينه السفير أيضا.

 لم يكن لدي شك علي الاطلاق في أنها – الغارة علي المعابد – قد وقتت بقصد اذلالي وإضعاف موقفي في أية مفاوضات مع الرئيس . لقد عشت في الشرق حقبة تكفيني لأفهم أهمية الكرامة كمرادف لديهم  لهذا الاسلوب في استعراض قوة البطش سبيلا الي دعم السلطة الشخصية  وتعييني في هذا المنصب جاء صفعة لسلطة الرئيس كونغ الشخصية ولذلك كان لابد له ، كشرقي حقيقي، من أن يحط من شأني  ليبرهن علي شموخ قامته.


ليس من رجل يملك قواه العقلية ثم يطمح بأن يكسب حرباً بالقيام بحملة اضطهاد طائفية ضد ثمانين بالمائة من شعبه ذاته.

السفير



السفير
السفير ما دوره في اللعبة الكبري التي تلعبها حكومات العالم المختلفة ؟ وكيف يؤدي دوره ؟ سؤال كان يشغل عقلي وفكري فترة طويلة
السفير والسفارة ، الدبلوماسية والسياسة ،والمخابرات و الحرب
 الديكتاتورية والاضطهاد والانقلاب  تلك هي المفردات والمعاني التي ستدور حولها الرواية
السفير رواية لموريس ويست طبعت عام 1967 وتتحدث عن أحداث تدور في عام 1963
عن فيتنام الجنوبية  وعن تورط الولايات المتحدة في انقلاب هناك
السفير هنا في هذه الرواية هو سفير الولايات المتحدة – ولايات الخراب والدمار لكل العالم – هنا يتحدث عن تأنيب للضمير وعن تراجع السفير بعدما نجح الانقلاب في تحقيق... في تحقيق ماذا ؟
لم يحقق الانقلاب أي شئ سوي القتل والدمار وانهيار الشكل المصطنع الذي تتشدق به الدول التي تزعم زورا وبهتانا أنها مع الحريات وحقوق الانسان  وفي الآخر ماذا حدث وماذا جنت أمريكا من دعمها الانقلاب ؟!
في الآخر خرجت أمريكا من  فيتنام تجر أذيال الخيبة كعادتها
كل ما فعلوه ويفعلوه هو تأخير الأمر فقط فللتاريخ مجري لا يستطيع أحدا إيقافه ولكن ممكن تعطيله
الرواية رائعة  ومدخل للتعرف علي هذا العالم المسمي بالدبلوماسية  وهي تأخذك بأسلوب ساحر إلي دهاليز صنع القرار 
في الواقع القرار يصنع بعيدا عن الواقع فلم يكن دور السفير هو صنع القرار او المساعدة فيه بل في واشنطون يصنع القرارا ثم يأتون بالدمي التي تنفذ تلك القرارات عبر تبنيها نفس الموقف
القصة تدور في فيتنام الجنوبية حيث أقلية مسيحية كاثولوكية حوالي 20%  من السكان وأغلبية بوذية حوالي 80% من السكان
وعلي قمة السلطة الجنرال الديكتاتور كونغ  المسيحي الكاثوليكي
وفي اليوم الاول  للسفير الامريكي في فيتنام الجنوبية  يمر السفير  بأحد الشوارع ليجد راهب بوذي برداءه الاصفر يحرق نفسه أمامه  ليوصل له رسالة
 التي مفادها أنكم تساعدون كونج الحاكم العسكري الكاثولويكي في جنوب فيتنام الذي بدوره يضطهد الاكثرية البوذية
في الشمال (العم هو )وقوات الفيكتونج  التي تحارب بضراوة هذا الكونغ
يعاني كونغ من هزائم متتالية نتيجة لحرب عصابات علي يد قوات هاو ويكاد يكون كونغ معزولا في العاصمة ونتيجة طبيعية لذلك يعاني هو وقواته من انخفاض المعنويات وتبدأ مؤامرة عليه من داخل الجيش
ولكن الجنرالات تحتاج الضوء الأخضر ليتم الانقلاب علي كونغ فهم بحاجة إلي دعم الولايات المتحدة الامريكية – ولايات الخراب والدمار لكل العالم – فهم بحاجة للأسلحة والدولارات
 كان السفير مترددا في موضوع الانقلاب ، كما ان هناك قضية أخري وهي حياة كونغ فكان يريد ان لا يُقتل كونغ بعد الانقلاب بل يلجأ إليهم لجوءا سياسيا
وتلك نقطة مهمة في فهم السياسة الامريكية  فهم يريدون شكل يحافظ علي ماء الوجه او يستطيعون معه النوم ليلا
كم من رجل او إمرأة  أو طفل سيموت بخلاف كونغ لا يهم المهم كونغ
وحياة كونغ نفسه ليست مهمة بل رمزية نجاته وطلبه للجوء اليهم وربما  ورقة ضغط علي أي حكومة تالية بعودته مرة أخري  وربما ....
وهل التزم الجنرالات المنقلبون بالحفاظ علي حياة كونغ ؟
لا لم يلتزم به الجنرالات بل اول عمل قاموا به تصفية كونغ وهذا بفعل ديكتاتور جديد رغب في تصفية خصمه القديم لتعاد جولة جديدة من تصفية باقي الجنرالات وحياة الظلم والقهر تحت حكم الديكتاتورية العسكرية  المدعومة أمريكيا ولكن بوجه جديد
هل كان السفير وسفارته اللاعب الامريكي الوحيد هناك ؟
لا دوما هناك السفير يعبر عن الرأي الرسمي وهناك في الخفاء المؤامرات التي تقوم بها المخابرات الأمريكية كما كان هناك قوات امريكية تشارك في القتال
هناك في السفارة أناس أُخر كانوا مستائين مما يحدث ولكن لا حيلة لهم منهم من استقال من منصبه وإن كانوا ضغطوا عليه حتي لايحرج الحكومة وأجلوا تلك الاستقالة حتي تم الامر
الرواية جميلة وهي تكشف جانب مهم جدا من السياسة وهي تلقي بضوء قوي عما يحدث الآن داخل مصر وخارجها بالمناسبة لقد غادرت آن باترسون مصر بعد الانقلاب 30 يونيو 2013  كما فعل بالضبط السفير في فيتنام الجنوبية 

الخميس، 2 يناير 2014

العمي


العمي
في إشارة مرور أوقف السيارة فالإشارة حمراء تغيرت الاشارة ولكنه مازال لايحركها
صوت كلاكسات السيارات خلفه  تنبهه بأن الاشارة قد فتحت وعليه أن يتحرك ولكنه لم يفعل لقد أصابه العمي
نعم أصابه العمي
يحدث ارتباك في المرور ثم يتطوع رجل ليذهب به إلي منزله
 وبعدما يوصله لمنزله يتطفل داخل المنزل ثم يغادره ولكنه ....!
سرق السيارة
تأت الزوجة لتجد أشياء مكسورة بالمنزل ثم يخبرها زوجها بالعمي الذي أصابه فتذهب به إلي طبيب العيون الذي لا  يجد أي سبب منطقي علمي للعمي
يذهب الطبيب لبيته ثم يحدث زوجته بما حدث للرجل الذي أصابه عمي مفاجئ
وفي اليوم التالي يستيقظ الطبيب ليجد نفسه قد أُصيب هو الآخر بالعمي
ثم يبدأ العمي بالانتشار ويُسجل علي أنه مرض وبائي معدي فتأخذ الدولة إجراءتها الوقائية وتخصص عنابر للمرضي وتحجرهم حجرا صحيا حتي لاينتشر المرض
خاف طبيب العيون علي زوجته أن يصيبها العمي
 لكنها لم تخش ذلك وكانت بالقرب من زوجها مذ أصابه العمي
تتظاهر الزوجة بالعمي حتي تبقي مع زوجها في عنبر الحجر الصحي
تبدأ الاعداد في الازدياد 
يقود العنبر طبيب العيون الذي تقوده زوجته التي مازالت مبصرة
من خلال العمي الذي ينتشر في المدينة يعرض جوزيه ساراماجو  لتفاصيل دقيقة في النفس البشرية

ويسأل سؤال ماذا يحدث لو أصاب المدينة كلها العمي ؟؟