الاثنين، 13 ديسمبر 2010

الأمريكي القبيح 4

الأمريكي القبيح 4
3- توم نوكس


امتاز توم نوكس بثلاث ميزات الأولي إنه كان الوحيد بين الأمريكيين الذي اشتهر في كامبوديا بأنه كان يصرف كل دخله هناك ، والثانية إنه كان علي صلة بعدد كبير من أهالي كامبوديا لم يعرف مثله أي شخص غربي دخل البلاد حتي الآن


أما الميزة الثالثة فكانت شهيته الواسعة للطعام الكامبودي


لم يكد يمر عام علي توم في كامبوديا حتي أضحي أشهر أمريكي في البلاد، فلا توجد قرية واحدة مهما صغرت إلا وقد سمعت ضحكة توم الرنانة أو شاهدته وهو يلتهم الأطعمة المحلية بشهية وأفادت من خبرته في شؤون الدجاج


كان توم يقود سيارته اللجيب يوميا ليزور المناطق الريفية ، حتي إذا ما تقلص الطريق إلي ممر ضيق أوقف سيارته واستعان بالدراجة المربوطة بمؤخرة سيارته ، وإذا ما أصبح من المستحيل أن يسير بدراجته تركها وسار علي قدميه ، فإذا واجه توم شخصا قادما من بعيد بادره قائلا : يا صاح يا صديقي


من هو عمدة قريتكم ؟ أقدم لك نفسي أولا .. اسمي توم نوكس من شيلدون بولاية ايوا الامريكية ثم يمد يده الضخمة يضغط بها علي يد الكامبودي الرقيقة .


ولا تكاد تمر عشر دقائق علي هذا اللقاء ، حتي يتجمهر حول توم كل من يستطيع أن يمشي علي قدميه ، أو حتي أولئك الذين يتوكأون علي عكاز


وكان كل واحد منهم يحس بالاخلاص الذي يبذله توم في محاولة التفاهم مع مستمعيه


كان توم يقول لهم استمعوا .. لديكم في هذه القرية مشكلة هي مشكلة الدجاج ، وأنا علي استعداد لأن أدخل معكم في رهان أنكم لا تحصلون علي أكثر من 50 بيضة في العام من الدجاجة الواحدة


فأنا شخصيا مربي دجاج ، ولقد تعلمت في ولايتي ايوا بعض الطرق وسوف أعلمكم إياها الآن ، ولكن دعونا قبل أن نبدأ ذلك نتناول قليلا من الطعام


ويبدأ الجمهور بأكمله يتجه إلي بيت العمدة لتناول الطعام ، وينتهز نوم الفرصة ليجعل كل شخص يدرك أنه ليس سوي عامل في مزرعة ، وأصبح توم خبيرا ممتازا في الطعام الكامبودي حتي أنه كان يستطيع أن يميز بين أنواع الأرز المختلفة ، بل كان يعين المنطقة التي استورد منها ، وكان السرور يبدو علي وجه أهالي كامبوديا عندما يدخل توم المطبخ ليطهو الأكل بنفسه


ولم يكن يضيع وقته فبعد الانتهاء من تناول الطعام يبدأ حديثه ثن ينتقل إلي المزرعة ليلتقط دجاجة يتفحصها ويدقق النظر في عينيها ويفتح مخالبها ويحقق في الأماكن المصابة منها


كان يقول كا ما تحتاج إليه هذه الدجاجة الرقيقة هو ارتفاع في نسبة الكالسيوم في طعامها ، وأنتم تعرفون طبعا أن الكالسيوم هو مادة بيضاء موجودة في الارض ، وأنا أعرف مكانا مليئا به علي بعد ميل واحد فقط ، فإذا أخذتم خمسة أو ستة أ{طال منه ومزجتم هذه النسبة مع مائة رطل من طعام الدجاج فإنكم تقدمون أكلة دسمة للدجاج أو علي الاقل أكلة دسمة بالنسبة لهذه الدجاجة بالذات


وإذا ما حل مرض بالدجاج فإن توم كان يقوم برش الدجاج بمسحوق كان يحتفظ به معه أو حتي أنه كان في بعض الأحيان يحقنهم بمصل شاف ثم يترك وراءه منشورات مطبوعه باللغة السرخانية توضح كيفية تربية الدجاج والعناية به


ولقد كان النجاح الذي حققه توم باهرا علي الرغم من ضآلته إذا ما قورنت نسبته بالمساعدات العسكرية أو المعونات الاقتصادية الواسعة


وانتقلت شهرته من قرية إلي قرية ، حتي أصبح وصوله إلي أي مكان علامة من علامات الفرح والاستبشار ، وكان الأهالي يعدون العدة لزيارات توم القادمة


وفي يوم سأل أحدهم توم لماذا يترك رجل قوي مثله بلده وجاء ليساعدهم ؟


فأجاب توم يمكنني أن أقدم عددا من الإجابات الرسمية ولكن الحقيقة التي لا لبس فيها هي أنني أحب الناس كما أحب الدجاج ثم أنني أردت أن ابتعد عن المزرعة لمدة عام أو أكثر ورغم أن إجابته لم تكن شافية إلا أنها الحقيقة لقد كان يرغب في مثل تلك الرحلة


وفي اجتماع المؤتمر السنوي بين خبراء الزراعة الامريكيين والكامبوديين وأربعة من المسؤولين الفرنسيين استمع توم في الاجتماع إلي اقتراح لإنشاء قناة جديدة تبلغ تكاليفها اثنين ونصف مليون دولار ، وإلي اقتراح آخر لتجفيف مستنقعات تبلغ مساحتها 18 ميلا مربعا واستخدام الأ{ض لإقامة مزارع تعمل بالآلات ، و...


ثم قال توم بعد أن أذن له رئيس اللجنة بالكلام أنه يريد استراد بضع مئات من الدجاج والديوك الأمريكية لتحسين الدواجن المحلية ومبلغ حوالي ألفي دولار لإقامة ماكينة لاستخدامها في إعداد طعام الدجاج والماشية


فاعترض رئيس اللجنة إن ما تريده حكوماتنا مشروعات ضخمة تساعد الشعب بشكل مباشر


ليحدث تصادم بين توم الرجل المبدع وبين الرجل الدبلوماسي الذي يجلس علي الكرسي الوثير حتي أن توم استقال وترك كمبوديا وعاد إلي أمريكا

0 التعليقات:

إرسال تعليق