الأرض
قليلة هي الروايات التي تستمع بها ورواية الأرض لعبد الرحمن الشرقاوي من تلك الروايات
اشتريتها منذ 10 أشهر ومنذ أسبوع فقط أنزلتها من علي الرف وأخذت أقرأها قبل القراءة ترددت كثيرا في قراءتها فلقد كان ماثلا في ذهني بقايا مشاهد من فيلم الأرض الذي كان يلعب فيه محمود المليجي دور محمد أبوسويلم ، وعزت العلايلي دور عبد الهادي ، ورغم مرور السنين الطويلة إلا إني مازلت أحتفظ بذكريات عن الأرض
بدأت قراءة القصة ووقتها كنت مريضا ، وحالة المرض تحتاج إلي شئ لا تعمل فيه عقلك بل يداعب عواطفك ويثير خيالك
لم تمر صفحات قليلة حتي أنستني المرض وأيقظت في كل العواطف الملتهبة والمشاعر الفياضة وأضحكتني وأبكتني ، لم يكن عبد الرحمن الشرقاوي حين عنون الرواية باسم الأرض يقصد بها الطين والتراب بل قصد مصر ، فرواية الأرض يصلح أن نسميها مصر فيها هموم المصريين وأوجاعهم بساطتهم ، سذاجتهم ، رجولتهم
رواية الأرض هي قصة مصر
جزء من تاريخ مصر الذي لم يتغير يمكننا أن نستعرض الرواية ونستعرض الواقع ونقارن بينهما فلا نجد أي فرق
لم تغير السنين من المصري أي شئ مازال هو هو ببساطته وسذاجته ورجولته ، ومازال هناك أيضا المنفعجية والمصلحجية ومن يبيعوا الوطن من أجل لا شئ دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين هؤلاء وأولئك مازالوا موجودين
رواية الأرض لا تكفي قرائتها ولا يكفي الحديث عنها بل يجب دراستها ،دراسة شخصياتها ومحاولة التعرف عليهم في عصرنا
من في عصرنا يمثل عبد الهادي أو الشيخ حسونة أو محمد أبوسويلم
ومن في الجهة الأخري يمثل الشيخ الشناوي ومحمود أفندي والعمدة والشيخ يوسف
ومن يمثل محمد أفندي
ومن يمثل وصيفة
ولا تكفي دراسة الشخصيات دون التعرض للمواقف التي ظهرت فيها رجولة الرجال وخسة الخسيسين ودجل الدجالين
وإذا كان عبد الرحمن الشرقاوي قال عن قصة الإنسان في مصر أنها تظهر فجأة وتمضي فاترة رتيبة يخالجها الاحتدام والغليان لبعض الوقت .. ثم تهمد وتغيض ، تغيض شيئا فشيئا كمياه منسابة علي الرمال
فلقد آن لنا أن نحي ذكري هؤلاء الأشخاص لا لذواتهم ولكن لأنهم يمثلون المصري عبر قرون طويلة من الزمن يمثلون أجدادنا وأجداد أجدادنا ويمثلون أيضا أبنائنا وأحفادنا
إنهم يمثلون مصر في الماضي والحاضر والمستقبل
رواية الأرض رواية ممتعة