الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

قرية ظالمة 3

قرية ظالمة 3


الرأي أن تهتدي بالعقل مالم يتعد حدود الضمير
الجماعة والخير والشر
الجماعة تقدم علي الشر في يسر بالغ لأن أفرادها يقتسمون وزر الاثم فلا يشعر أحد منهم أنه آثم حقا ويعفيه من الندم أن له شركاء وأن نصيبه من الذنب ضئيل ، وأنه لو لم يشترك فيه لوقع علي كل حال
والجماعة تقدم علي الخير في صعوبة لأن كل فرد منها يؤثر أن ينسب إليه الفضل
الحرب
لو أن الذي يعلن حرباً علي قوم آمنين ، يكون علي يقين أنه سيموت لساعته من جراء هذه الحرب ما أعلن أحد حربا أبداً ثم أن الحروب تقوم أثر خطأ يركتبه رجال الحكم
ليس من العدل أن يموت الابرياء والعلماء وأصحاب الرأي الراجح وكل ذي كفاية في شتي نواحي الحياة في الأمة لخطأ يرتكبه زعيم سياسي ، ثم لا يصيب هذا الزعيم شر من جراء خطئه ، إن الذي يسوق قومه إلي الحرب مقامر حقير يقذف بالناس إلي الموت وهو عالم أنهم إن انتصروا فالغنم له وإن خذلوا فهو بمنجاة من كل عقاب
لتقم الحروب إذا شئتم ولكنها يجب أن تبدأ بقتل من يدعون إليها
الحروب تقتل أكثر الافراد شجاعة وتضحية وتترك غيرهم ينعمون بالحياة دونهم
المجد إنما يتشدق به الاحياء الذين لم يكن لهم أثر فيه ، أما الموتي الذين أقاموه فلا يتحدثون عن شجاعتهم وتضحيتهم
قول المعتدين
قد يكون الهجوم خير وسيلة للدفاع هذا ما يقوله كل معتد ، وحد الاعتداء عندي أن يوجد الجندي خارج حدود بلاده ، فمن وجد خارج حدود بلاده فهو المعتدي مهما يكن سبب هذا الخروج
إن أولي الأمر والقواد يعلمون أن عليهم أن يخدعوا قومهم فيصورون لهم الاعتداء دفاعا وهي خدعة طال عليها الأمد ولا يجوز أن يخدع بها أحد بعد اليوم
للحرب قانون واحد
ومما يخدعون به الجند دعواهم أن للحرب قوانين تخفف من ويلاتها وتذهب بأكثر فظائعها وعندي أن الحرب يجب أن لا يكون لها إلا قانون واحد هو أن كل من خرج من بلاده ليحارب قوما آمنين في ديارهم فهو المعتدين ويحل لهؤلاء أن لا يراعوا فيه قانونا ولا عهدا وأن لا تأخذهم فيه رأفة ولا رحمة

إنما يدفع الجنود إلي المخاطرة بحياتهم ظنهم أنهم قد ينجون من الموت في الحرب ، وعلمهم أن النظام لن يسمح لأحد يخالفه أن ينجو من الموت


فالجندي شجاعته جبن وتصور له علي انها المجد كله ، وإقدامه خوف ويصور له علي أنه بطولة وتضحية والنظام يؤكد له أنها وطنية وكرامة
وطاعته غباوة والنظام يصورها إخلاصاً
من تمام الخداع أن نكرم الجندي المجهول هذه فكرة رائعة تمثل أكبر خدعة يضعها النظام أمام الناس لأن أحداً من الأحياء لن يضيره أن يرفع جندي مجهول بعد موته فوق الملوك والأمراء ، وهؤلاء لا يضيرهم أن يكرموا ميتاً مجهولاً ، ولعل الميت المجهول نفسه لا يعبأ كثيراً بهذا التكريم ، أما الجنود الذين يعيشون فلا يكرمهم أحد ، وسواء أكانوا أصحاء أم عجزة مشوهين فإنهم لا يعلون علي أحد بل يظلون في طبقتهم لا يرتفعون عنها
إن عاطفة الرحمة لا تذهب بشئ من قوة العدل إن كان الحكم عدلا ، وهي تخفف من وطأة الظلم إن كان الحكم ظلماً
الحيوان غاية فهمه الالهام ، ولما كان العقل فوق الالهام فإن الحيوان لا يستطيع بألهامه أن يتصور العقل أو يفهم كنهه
كذلك الإنسان غاية فهمه العقل ولما كان الإيمان فوق العقل فإن الانسان لا يستطيع بعقله أن يتصور الايمان أو يفهم كنهه
ومن الذي وضع الايمان فوق العقل ؟
هذا واضح أن الايمان لا يكون إلا في العقلاء ، أما العقل فيكون في المؤمنين وغير المؤمنين وهذا يعني في الترتيب الطبيعي أن الايمان فوق العقل . وهذا يعني أن الأول يمحو الثاني بل يدل علي أنه قد يكون في الايمان مالا يستطيع العقل أن يكون حكما فيه .
أوثان جديدة تعبد
من هذه الأوثان التي سيعبدها الناس الكرامة القومية والوطنية والولاء والحرية والطاعة لأولي الامر والقانون وسيسمون ذلك الفضائل المدنية وهناك أوثان أخري يسمونها الفضائل كالشجاعة والتضحية والصالح العام وسيعكفون علي تقديس النجاح والتفوق ، وستبلغ بهم عبادة الأوثان أن يقتلوا أنفسهم دفاعاً عن أعلام جيش أو حدود دولة أو رداً لكرامة ملك . كل هذه أوثان يعبدها الناس وقد لا يكون فيها ضرر حتي تصطدم بالضمير أي بأمر الله ، عند ذلك يكون الخضوع لها وعبادتها من دون الضمير كفراً وشركاً وضلالاً دون اثمها ما تكون عليه عبادة الأصنام ، إن من يعبد الدين نفسه عبادة تحمله علي أن يتخطي حدود الضمير فيؤذي الناس في سبيل حماية الدين يكون قد أشرك بالله


وسيضل الناس حين يعتقدون أن الجماعة أعظم من الفرد ، وأن خيرها أعظم من خير الفرد ، وأن نفعها يسوغ الاغضاء عن ضمير الفرد ، إنما الجماعة صنم يدعوكم إلي عبادته من تنفهم هذه العبادة ، ويزينون لكم أن الجماعة تسعد وان لم يسعد أفرادها ، وهو وهم يقول به من يعنيه أن يشقي عدد كبير من الناس ليسعد عدد قليل منهم ، إن الصالح العام لأخطر الأوثان وأشدها ضرراً حين يُعبد فيطغي علي أوامر الضمير
سر التقوي وأصل الخير الحب في الله


لا تدعون الناس إلي اتباع الدين لأن فيه صلاح أمورهم الدنيوية ، فإنكم أن تفعلوا تجعلوا للناس سبيلاً إلي انكار الدين كله حين يرون أن اتباعهم لأوامره يعرضهم لخطر أو يحرمهم متعة الحياة ، وإنما يدعي إليه علي أنه إيمان ، وأن الايمان جزء لا يتجزأ من تكوين الانسان ، وأن الانسان بدونه يظل بالطبع حيواناً
أسباب الضلال بين الناس هي عبادة الأوثان والشهوة الجامحة وانعدام الحب

0 التعليقات:

إرسال تعليق