السبت، 26 نوفمبر 2011

القائل نعم ... القائل لا

القائل نعم

تأليف : برتـولد بريخــت الكاتب الألماني


المعلم يذهب ليزور أحد تلاميذه الذي انقطع عن الدرس
يعرف سبب أنقطاعه بإنه مرض أمه فيستأذن ليسلم عليها تلك الأم التي انشغلت بتعليم إبنها بعد موت زوجها ثم يفصح المعلم عن سبب الزيارة وهي ذهابه في  رحلة بعيدة خلف الجبال لاستكشاف الدواء فيرغب الابن في الذهاب مع معلمه كي يحضر لأمه الدواء فيحذره المعلم من أن الرحلة شاقة وخطيره ومع إصرار الشاب يقول له عليه أن يستأذن أمه التي تأذن له تحت إصراره بشرط أن يرجع لها ولا يتأخر عليها
ثم تبدأ الرحلة وفي أثناء الرحلة يمرض الشاب يظن المعلم بادئ الأمر أنه مجرد إرهاق من الرحلة فيقول ذلك لباقي الصحبة فلقد كانوا مجموعة ثم يشتكي الشاب من ثقل المرض ويخبر باقي الصحبة ، هنا يقول له المعلم عن تقليد قديم يجب أن يعرفه الشاب أنه في مثل تلك الحالة عليه أن يُترك وحده في الجبل ولكن هناك سؤال يطرحه المجموع علي الشاب
والسؤال هو هل ترغب في أن نرجع من أجلك والتقليد يستوجب أن يقول لا  فيجيب الشاب وفق التقليد المتبع بشرط أن يأخذوا معهم القارورة أو الزجاجة التي جاء بها ليحضر لأمه الدواء ويوصيهم بإحضار الدواء من أجلها وعندها يتركوه  وحده في وسط الجبال يهلكه المرض وتهلكه أيضا الوحده ولكن الشاب خاف من الموت وحيدا فقال لهم أن يلقوه أسفل الجبل ويلقوا خلفه الحجارة هربا من الموت وحيدا
فيقذفوه فيموت أسفل الجبل وتحت الحجارة
تلك هي قصة القائل نعم الذي ألفها برتـولد بريخــت وهي  نص تعليمي كتبه بريخت للمسرح بين العامين 1929-1930 ونشر العام 1930، وقد اعتمد فيه على مسرحية النو اليابانية (تانيكو - Taniko) ، وهو عمل أوبرالي كتبه بريخت للتلاميذ في المدارس الثانوية الألمانية. وحينما عرض النص على خشبة المسرح ، رفض الكثير من التلاميذ فكرته الأساسية، واتهموه بالرجعية ومحاولة قتل الانسان باسم الحفاظ على التقاليد الاجتماعية.

وفي العام التالي ألف بريخت

الذي يقول لا أو ( القائل لا) ( Der Neinsager) اوبرا مدرسية تعليمية أيضا كتبها بريخت في العام 1930، ونشرها في العام 1931، بعد عروض (القائل نعم)، وهي مراجعة  للنص الأول، وإستجابة لنبض الناس واستشراف للروح الجديدة للعصر، بعد ذلك ظل النصان متلازمين في العروض وفي النشر الأدبي.



ولكن كيف عالج بريخت القائل لا
فلقد ألزمهم الشاب في القصة بأنه لا يلزمه أن يقول نعم بل عليهم جميعا أن يرجعوا وينهوا الرحلة فورا من أجل سلامته فالرحلة  كلها مظنونة النتيجة فقد يجدوا دواء وقد لا يجدوا أما هلاكه فقد بات مؤكدا وعليه أن يتسمك بما بات مؤكدا ويدافع عنه ولا يترك حياته من أجل تقليد بال وعادة قديمة لا نفع فيها ولا رجاء بل مجرد تقليد أعمي لعادة من عادات السابقين
ومع علم الجميع بأنهم سيواجهون نقدا لاذعا من القرية ومن الناس لأنهم خالفوا التقليد القديم إلا أنهم رجعوا حفاظا علي روح هذا الشاب


والفكرة الرئيسية في النص بمجموعه القائل نعم والقائل لا هي:


 على المرء أن يفكر بطريقة مغايرة تبعا لكل حال يستجد. لكن هذه المقولة رغم بساطتها تحمل في طياتها الكثير من الصراع والجدل، فما بين ( نعم) و(لا) برزخ بين عالمين.


فنعم بمعني موافقة العادة والسير في الركب ولو فيه الهلكه سهلة
ولكن لا التي تعني الصراع مع العادة والصراع مع المجتمع والصراع من أجل تغيير العادات هي أصعب شئ ولكنها مع صعوبتها فيها الحياة


القصة في زماننا هذا نحتاج أن نتأملها جيدا وأن نسقطها علي واقعنا المر هل هناك ما يجب علينا الإجابة عنه بلا ؟!
شئ آخر أريد أن أتحدث عنه وهو كيف كان الكاتب يبررالواقع بأدبه وفنه وحين تغير الواقع ولفظ الناس تلك الفكرة تغير لها الكاتب وأنتج أدبا يتناسب مع روح العصر وهذه في رأيي مأساة أي مأساة أن يصير الأدب والفن  - وهذا واقع  - مجرد قصص من الحياة وعن الحياة تصف مايحدث بل تبرر ما يحدث وهذا يعني إنسياق الأديب والفنان وراء عادات الناس ويقتصر دوره علي تسليتهم وإمتاعهم وهذه خيانة للأدب وللفن إن لم يكن الأديب والفنان هو سن الرمح الذي يهتك ستر العادات والقيم البالية ويجدد للأمة روحها ويستكشف المستقبل الواعد يبشر به ويدعوا إليه فمن يكون إذن ؟!!!
وما أصابنا اليوم من وهن وضعف إلا لأن التجديد قد غاب عن وعي مفكرينا وأدبائنا وفنانينا وصار همهم الأكبر وغايتهم العظمي هي التشدق والإغراق في تنظير الواقع وتفسيره وتبريره أما تغييره فلقد مسحت من قواميسهم وصارت لفظة أعجمية لا يعرفونها ولا يعرفون معناها لذا بتنا كقطيع يحسن قول نعم ويجد لها ألف سبب
لكنه لا يستطيع أن يقول لا
النص جميل وفكرته بعد التعديل ممتازة وقبل التعديل رديئة
ولقد أنتج كنص إذاعي ورابط تحميله

1 التعليقات:

د/دودى يقول...

مراجعه ممتازه لنص ممتع

إرسال تعليق